اقتران الأعمال التي تتصل بالريادة في قطاع الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة بالمعارف الغنية التي تتمتع بها المملكة المتحدة، له الأثر الفعال في إقامة فرص الشراكة الكبرى بين البلدين. وتعتبر المملكة المتحدة أن التزامها تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة أمر حيوي يفتح الطريق أمام الشراكة في مجال الخبرات، ويشكل فرصة حقيقية لإيجاد حلول لقضايا أمن الطاقة والتغير المناخي في يومنا هذا. وتتميز الخبرة البريطانية في مجال حقول النفط والغاز البحرية بالتقاليد المعروفة بعمقها وسمعتها، وذلك في مجال الابتكار والإبداع وجوانب القوة المعترف بها على المستوى الهندسي ومجال البناء، مما يساعد على توفير القدرات المطلوبة للقطاع المتنامي لأشكال الطاقة المتجددة. نعم يمكننا حتى الآن تحقيق مستوى أكبر من الإنجاز، وذلك من خلال العمل المشترك مع نظرائنا على المستوى الدولي. دولة الإمارات خلال فترة طويلة من الزمن شريك مهم للمملكة المتحدة، وهكذا فنحن متحمسون للتعلم من الخبرات التي يتم الاعتماد عليها في مجال الانبعاثات الكربونية المنخفضة على المستوى الإقليمي، لأن ذلك قد شكل أول مصدر للطاقة النظيفة والدائمة، أو ما يسمى بـ "خطة مصدر"، بقدر ما يعود سبب ذلك أيضاً إلى أن تلك الخبرات تتميز ببرنامج الطموحات الوطنية للاعتماد على الكهرباء واستخدام الطاقة النظيفة. من الواضح بأنه يمكن من خلال توحيد قدراتنا، بلوغ مستوى عالٍ من الإنجاز، حيث إننا بلغنا الهدف المطلوب والقائم على التعاون الناجح ويشمل ذلك (مصدر)، وهي تمثل خطة العمل الرئيسية التي اعتمدت عليها مؤسسة "فوستر & بارتنرز" المتخصصة في الهندسة المعمارية. ومن المسلم به أن المملكة المتحدة تمثل جانب الريادة في الكثير من أشكال التكنولوجيا التي تواصل تقدمها الى الأمام، والتي تعمل بمستوى منخفض من الكربون، كما أن القمة العالمية لطاقة المستقبل، وهي حدث رائد على المستوى الدولي ترتبط بالصناعة البيئية والطاقة المتجددة، وتمثل المنطلق المثالي لاستعراض القدرات التي تتمتع بها المملكة المتحدة في مجال التكنولوجيا والابتكار والبحث والتطوير. ومن جانبٍ آخر، فسوف يُثبت ذلك الحدث الفرصة المثالية المتاحة أمام الشركات البريطانية الصغيرة والمتوسطة للمساهمة في إنجاز برنامج الانبعاثات الكربونية المنخفضة، ونذكر على وجه الخصوص هنا بالميادين التي تتطلب كثيراً من المهارات والمعارف من قبيل توصيل الشبكات وتخزين وحفظ الكربون وكفاءة الطاقة. وهكذا فعندما يحين الوقت لإقامة شركة في بريطانيا، يمكننا القول بأن المملكة المتحدة في واقع الحال أكثر الأماكن التي تستقطب الاستثمارات على المستوى العالمي فيما يتعلق بشركات الطاقة المتجددة بالنظر لما تتمتع به من مصادر الطاقة الغنية والطبيعية والقابلة للتجدد، حيث أتاح ذلك التفوق فرصاً كثيرة ابتداءً من الرياح التي تهب على اليابسة وعلى البحار ونطاق الأحياء وحركة الأمواج وانتهاءً بالطاقة التي تولدها حركة المد والجزر. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تقدم المملكة المتحدة حوالي 100 مليار جنيه إسترليني من الفرص الاستثمارية في مجال الطاقة المتجددة من الآن وحتى عام 2020، كما أنها نجحت بالفعل في استقطاب 15 مليار جنيه من الاستثمارات المخصصة للمشاريع خلال السنوات العشر الماضية. ففي عام 2009 وحده تم استثمار أكثر من 7 مليارات جنيه في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة في مختلف مناطق المملكة المتحدة، وبذلك فقد حققت أعلى مستوى في القارة الأوروبية، كما تكون بذلك قد احتلت المركز الثالث على المستوى العالمي. لا ينحصر دور الحكومة البريطانية فقط في توفير الدعم الأساسي لتطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة، بل يشمل أيضاً ضمان أن تلعب البيئة المنظمة في بريطانيا بالأحرى دوراً يسهل أكثر مما يعوق مشاريع الطاقة الدائمة. الالتزام تجاه أشكال الطاقة المتجددة على سبيل المثال، يمثل خطة الدعم الرئيسي لمشاريع الطاقة الكهربائية المتجددة في المملكة المتحدة، وهو الأمر الذي يفرض التزاماً على الجهات التي تقدم امدادات الطاقة الكهربائية في بريطانيا، حيث يتعين عليها توفير نسبة متزايدة من الطاقة الكهربائية، التي تقوم بتوليدها بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، كما تعتزم الحكومة بأن تعمل تلك الجهات وفقاً للالتزامات الخاصة بأشكال الطاقة المتجددة حتى تاريخ 31 مارس 2037 مع مراعاة تقديم آلية للتوقع المستقبلي على المدى البعيد للمستثمرين. أما بالنسبة للشركات الإماراتية، فهي تتطلع إلى الشراكة مع أو الاستثمار في بريطانيا في مجال الانبعاثات الكربونية المنخفضة. ومن جهة أخرى، تساعد "المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار"، وهي هيئة حكومية الشركات الدولية على الاستثمار والتواجد في المملكة المتحدة، فضلاً على تقديم المساعدة في كل من مراحل العمل أياً كان حجمه والتنظيم المتبع في ذلك السياق ابتداءً من تقديم المواقع الملائمة وإيجاد شركاء العمل، وانتهاءً بالحصول على الحوافز المالية. لذا فالسؤال المطروح هنا: لماذا الاستثمار في المملكة المتحدة، وإلى أين يسير هذا الاستثمار؟ أولاً: كانت المملكة المتحدة ولا زالت دولة رائدة في مجال اعتماد أساليب الانبعاثات الكربونية المنخفضة، وهي سادس أكبر دولة على مستوى العالم من حيث البضائع والخدمات التي يتم إنتاجها من خلال آلية الانبعاثات الكربونية المنخفضة، وبحوالي قيمة 112 مليار جنيه استرليني في العام. علاوة على ذلك تتميز بقدرات بارزة في كل جوانب قطاع الطاقة ابتداءً من نطاق الأحياء وخلايا الوقود وانتهاءً بجانب تخزين وحفظ الكربون. من جهةٍ أخرى تتمتع جامعاتنا بسمعة عالمية معروفة فيما يتعلق بجانب الاختراعات والابتكارات، لذا فهي تساهم بشكل جاد في البحث من جديد عن تكنولوجيا الطاقة المتجددة والتي يتم تطويرها. يمكن استغلال الموارد التي تمثلها حركة الأمواج وحركة المد والجزر، حيث قامت المملكة المتحدة بتطوير أول مركز لاختبار حركة الأمواج في العالم متخصص في تكنولوجيا الأمواج وحركة المد والجزر، وهو مركز الطاقة البحرية الأوروبي الواقع في جزر أوركني. في الواقع، تتم في المملكة المتحدة نسبة 23 في المئة من أعمال التطوير الخاصة باستغلال طاقة حركة الأمواج و27 في المئة من أعمال التطوير الخاصة باستغلال طاقة حركة المد والجزر على مستوى العالم. أما إذا تطرقنا إلى الرياح التي تهب على اليابسة، تشير التقديرات إلى أن هذه الصناعة توسعت على المستوى العالمي بحوالي 20 في المئة خلال العقدين الماضيين، كما تمثل بريطانيا واحدة من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذه الزيادة، حيث مر هذا البلد بمراحل طويلة منذ إقامة أول موقع بري متخصص في استغلال طاقة الرياح في ديلابول الواقعة في "كورن وول"، وذلك في عام1991، أما بعد مرور 20 عاماً نجد بأن بريطانيا تضم خمساً من أفضل عشر شركات صغيرة على المستوى العالمي تتخصص في استغلال طاقة الرياح. هذه الإنجازات جزء مما هو متوقع، وما سيتم بلوغه حقاً خلال العقدين القادمين والفترة التي تلي ذلك. أما الآن فنواجه تحديات حقيقية، إلا إننا معاً وبالتعاون مع نظرائنا في الشرق الأوسط، يمكننا بلوغ الهدف، والمساعدة على ضمان أن تعتمد طاقة المستقبل على التكنولوجيا، التي تعمل بانبعاثات الكربون المنخفضة. دومينيك جيرمي سفير المملكة المتحدة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة